على تمام الساعة الثانية و النصف من يوم الجمعة
25 فبراير 2011 التقى عدد من الشباب الموريتاني في ساحة "ابلوكات" بعد الانتهاء
من صلاة الجمعة مباشرة، وجاء الخروج في تلك التظاهرة بعد نداءات اطلقها شباب موريتانيون
على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة لاستلهام نمط وأساليب التحرك الشبابي
في العالم العربي ضمن اطار ما بات يعرف بالربيع العربي والذي اسقط عدة انظمة عتيدة في كل
من تونس ومصر...
وقد تنوعت وتعددت المطالب والشعارات التي رفعها
الشباب الموريتاني بحسب الأطر السياسية والمشارب الفكرية والأيديولوجية التي ينتمون
لها، فمنهم من كان يرى ضرورة التدرج في المطالب الإجتماعية والإبتعاد عن تسييس الحراك
الشبابي وعدم جعله في خدمة الأحزاب السياسية التي يرون أنها شريكة للنظام القائم في
حالة التردي التي وصلت لها البلاد و تفشي الظلم والفقر وتهميش الشباب، ومن هم من كان
يرى ضرورة ربط المطالب وإختزالها كلها في إسقاط النظام ممثلا في شخص محمد ولد عبد العزيز.
إلى ذلك أيضا اختلف تعاطي الأحزاب السياسية وحضورها
في الحراك الشبابي من حزب للآخر فمنهم من اختار الزج بأطر شبابية لم تكن في واجهة العمل
السياسي الحزبي خلال الفترة الماضية ومنهم من اختار تقديم قيادات شبابه الرسمية، ولم
يكتفي بذلك فقط بل عمل على إنزال بعض قادته وجماهيره في الميادين وساحات التظاهر.
أما من جهة النظام الحاكم فإن تعاطيه مع الحراك
الشبابي أو الثورة الموريتانية ـ كما يحلو للبعض تسميتها ـ فإنه مر بعدة مراحل لكل
منها أسلوب مختلف، ففي البداية تجاهل النظام المحتجين واكتفى بمراقبة تحركاتهم عن بعد
من خلال كاميرات مراقبة نصبت على المباني المحيطة بالساحة، وعن قرب من خلال الجواسيس
والعملاء الذين اندمجوا مع الشباب المحتجين، على حد ما أوردت مواقع إعلامية حينها،
وبعد فترة يمكن أن يقال إن النظام قام بدراسة الشباب النشط وتمييزه ليحدد لاحقا طريقة
التأثير الممكنة على كل منهم، حيث عمل استقطاب ما سماه البعض حينها بـ"الإنتهازيين"
منهم عن طريق الإيعاز لهم بتشكيل أحزاب شبابية التحقت مبكرا بصفوف الأغلبية.
وبعد تصفية تلك العناصر شرع النظام في مواجهة العناصر
المتبقية مستخدما آلة القمع حيث تم الاعتداء على "الصامدين" بالضرب الشديد
والاعتقالات التي تستمر لأيام في ظروف لم تكن مريحة، أما الجزء المتبقي من الخطة فكان
التلويح للأحزاب السياسية المعارضة بالحوار سبيلا إلى تخليها عن دعم الشباب "الحالم".
وبعد فترة لم تكن بالطويلة تراجع المد الثوري الشبابي
في موريتانيا واختفت معه مظاهر الزخم والأمل التي صاحبت إنطلاقة الحراك في أشهره الأولى
دون أن يحقق أي نتائج تذكر على مستوى تغيير النظام لسلوكه ولا لأساليبه التي دفعت الشباب
للخروج أصلا.
اليوم وبعد مرور سنتين على بداية الحراك تبادر صحيفة
أنفاس لفتح الملف من خلال سؤال وجهته لبعض أبرز الأوجه الشبابية التي قادت وأطرت الحراك
الماضي والسؤال هو:
لما ذا لم تنجح الثورة في موريتانيا؟
فكانت إجابات النشطاء على النحو التالي:
عبيد ولد إميجن الناطق الرسمي بإسم حركة "إيرا"
هناك بعض العناصر التي لم تكن تريد الثورة
حقيقة وإنما فقط تسعى لتحسين موقفها التفاوضي مع النظام لأنها تعتبر أن الثروة ستهدد
هيمنة البيظان على الدولة الموريتانية
يوجد سببين رئيسيين لفشل حراك الخامس والعشرين من
فبراير 2011، فقــد طال الفشل مرحلة التأسيس التي صيغت وفق تخمينات متفائلة جدا بأن
الجماهير ستنزل إلى الميدان متأثرة بعوامل الربيع العربي، وهو ماظهر فيما بعد أنه غير
دقيق للأسباب والعوامل التالية:
لقد وضع المؤسسون للحراك وهم على حد علمي لا يتجاوزن
أصابع اليدين وفق منظورهم هدفا أساسيا وهو تغيير الواقع باعتباره غير موات لأجواء الحرية
وقيم الديمقراطية وحقوق الانسان ولا يساعد على التأسيس لقيام دولة القانون والمواطنة
ولا يساعد على إنزياح معضلات بنيوية كالعبودية ومشاكل الارث الانساني والتوزيع العادل
للثروات والتداول على السلطات إذن، وضع الهدف من أجل الثورة غير ان عوامل الفشل لم
يجري تلافيها منذ البداية ففي الوقت الذي كافحت فيه الشعوب المجاورة منن اجل إسقاط
الانظمة المتعفنة والفاسدة كان الحراك منذ البداية منقسما بشكل كلي حول الدعوة الى
اسقاط النظام وكانت غاليبة الاعضاء تدعوا علنا إلى إصلاح النظام فقــد كان البعض يهمس
في الآذان أن الثورة ليست في صالح المجموعة المهيمنة عرقيا، إذ سيتمكن لحراطين والزنوج
باعتبارهم الاكثر بؤسا واستعدادا للثورة وكان التردد واقعا لا فكاك منه،وقـد اكتشفنا
في مرحلة ما أن الذين روجوا لتلك الدعاية قادمون من اوساط قبلية أو حزبية وبأنهم يعملون
على تسخين الحراك قبل توجيهه الى توجهاتهم الضيقة وهذا السبب الأول للفشل.
أما السبب الثاني للفشل: فكان عند إدراك اهداف العناصر
الاولى وحاولنا خلق تنسيقية وقيادة مكلفة بالحراك وهنا اعلنت القوى الحزبية التي كانت
تتخفى داخل الحراك عن وجودها الرافض لكل تنظيم للحراك ومعلنة عن استعدادها للنزول بجماهيرها،
ضف إلى ذلك أن البعض إختار اللجوء إلى النظام الذي كان يسعى إلى اسقاطه خوفا من إستئثار
تلك القوى السياسية بالحراك وفشلت التجربة الثورية في مرحلة مبكرة
شخصيا، كنت من ضمن المؤسسين وعندما أدركت ان التجربة
لامحالة ستقع في أيدي الاحزاب آثرت الانسحاب وخرجت معلنا، عدم استعدادي للانخراط في
تجمعات تعقد في أرقى الفنادق والمطاعم بالعاصمة ويقودها في الغالب ابناء أسر برجوازية
قادمة من احياء لكصر و تفرغ زينة.
المصــدر :موقع أنفاس الالكتروني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق