الجمعة، 3 يناير 2014

تاريخ موريتانيا من المرابطين إلى بني حسّان مساهمة في تاريخ الحلقة المفقودة

أ.د. حماه الله ولد السالم
أستاذ التاريخ بجامعة انواكشوط
رئيس الجمعية التاريخية الموريتانية

تاريخ غرب الصحراء "موريتانيا وأحوازها" موغل في القدم، بعض حلقاته غامض لم يتم ترميمه حد الآن، لاسيما الفترة مابين سقوط مراكش 541هـ  والحرب بين عرب الهجرة الهلالية وقبائل صنهاجة الصحراء في  نهاية ق 8هـ/14م.
وهذه مساهمة لإضاءة تك الحقبة التاريخية التي نكاد  لا نعرف عنها الشيئ  الكثير  رغم أنها تعتبر لدى بعض المختصين حقبة مظلمة.
فقد تكوَّن المجتمع الموريتاني ضمن بنية سكانية قديمة صاغتها تحولات تاريخية معقدة من عهد المرابطين إلى بني حسان. لكن بعض تعقيداتها لم يتم تركيبها تاريخيا. 

I-الحقبة القديمة:
     ينحدر أغلب سكان البلاد من قبائل صنْهاجة التي قدمت إلى المنطقة ضمن هجرة قبائل البربر التي غادرت إفريقيا الشمالية خلال القرن الثالث المسيحي وتوجهت نحو الغرب، وبدأت احتلال الصحراء من الشمال. مع أن بدايات هذه الهجرة كانت موغلة في القدم أي قبل الميلاد. وقد دفع هؤلاء أمامهم مجموعات أخرى لها صلة قربـى بأهل العصر الحجري الحديث، و كان الجفاف التدريجي للبحيرات دفعهم فيما بعد إلى اللجـوء لضفاف البرك المائية وأودية الظهر، العليا والسفلى منها، ثم قادهم القحط إلى الانتظام في قرى  أخذت نشاطاتها في التزايد مع توافد الجماعات الجديدة.
    وفي عهد متأخر نسبيا، أي  في حدود 2800 إلى 2000 سنة قبل الآن  أصبح البربر حاضرين في عموم المنطقة وانضافت نقوشهم الصخرية إلى نقوش (سابقيهم). و هؤلاء البربر كانوا أكثر تكيفا مع ظروف القحط الجديدة في الصحراء الكبرى من سكان القرى، وذلك بفضل النحاس ثم الحديد، وعاشوا في القرى التي بدأ ســـكانها في التناقص "
    وقد ساهم البربر في هذا التناقص لما لهم من دور في تغيير الأوضاع ثقافيا وديموغرافيا وفي إرغام السكان الأوائل على الهرب، مع أن هذه المسألة  الأخيرة تـحتاج إلى برهان ". وقد جرى نقاش مطول [دكار 1976] حول حقيقة عنصر الأثيوبيين الذين ذكرهم هيرودت وأشار إلى أنهم ينتشرون في الصحراء الكبرى.
ولم يتم التوصل لحد الآن، إلى معنى عبارة "أصحاب الوجوه المحروقة" التي وصف بها المؤرخ اليوناني سكان الصحراء.
بعد منتصف الألف الثاني قبل الميلاد جابت الصحراء عربات ذات عَجْلتيْن أو أربع أحيانا، تجرها الخيول غالبا والثيران نادرا.
وتطرح هذه العربات مشكلا دقيقا يناقشه المختصون منذ زمن طويل. وبالفعل فإننا لا نعرف عن هذه العربات غير تمثيلها على الصخور في 800 مكان في عموم الصحراء، ولاشيئ غير ذلك، اللهم إلا الإطار الصخري.
ومع ذلك فإن أصلها واضح، فالعربة ذات العجلتين المربوطة بحصانين أو أربعة، آلة حربية تقليدية معروفة حول شرقي الأبيض المتوسط منذ منتصف الألف الرابع قبل الآن، وقد استخدمها جل شعوب هذه المنطقة، والرومان بشكل مكثف وكذلك "الليبيون والكرامانت والجتول" حين تمرسوا على الخيول منذ نهاية الألف الثاني قبل الميلاد، ويشير إليها كل من هيرودوت وديودور واسترابون[1]. وهم من القبائل اللوبية ـ البربرية التي عمرت آدْرَارْ من شمال غربي موريتانيا الحالية، وأشهرهم الكرامانت "الجرمنت".
أسلاف البربر: ر.موني MAUNY(R) يعتقد أن اللوبيين ـ البربر هم أجداد الصنهاجيين الذين كانوا حاضرين في هذه المنطقة منذ القدم[2].
الكرامانت "الجرْمنت": أصل التسمية: "كارا" = أسود + "منت"= ليبيا، في لغة المصريين القدماء (التي على اليمين= يمنت ) وهم السكان الأقدمون لفزان، كانت لهم ـ على مايبدو ـ دولة تسيطر على الطرق التجارية الصحراوية، وكانت عاصمتهم تسمى جرمة. وهيرودت هو أول من أشار إليهم في الكتاب الرابع: " ويعيش هنا قوم كثيروا العدد يدعون الكرامانت، وعند الكرامانت توجد الثيران، ويمضي هؤلاء الكرامانت في عرباتهم ذات الخيول الأربعة.."
وقد كان الكرامانت، الشعب الوحيد الذي يستطيع اختراق الصحراء جنوبا قصد التبادل التجاري، أو خلال مطارداتهم للحيوانات مثل الفيلة والنعام. ويرجح البعض أن التوارك الموجودين حاليا بالصحراء، هم نسل أولئك الكرامانت الأقدمين. ويمكن القول بكثير من الإطمئنان أن الجرمنت هم المعرفون محليا باسم: "أغْ رمّانْ"= أغْ روُمَنْ= أتباع الرومان أو الرومان الصغار: وهم أسلاف الكثيرين من مجموعات "الحراطين" التي كانت تسكن الواحات منذ القديم: وأصل التسمية: إحْرَاضنْ: الخلاسي: من عنصر بربري ودماء أخرى.
 ثم انفصل الفرس عن العربة وأصبح مطيّة للجتول والكرامنت في غزوهم للصحراء، ذلك الغزو الذي استقر وتوطد مع الميلاد بفضل الجمل.
وهكذا يحدد هذا الإطار التاريخي بدقة أصل العربات الصحراوية إذ أدخلها البربر الأوائل إلى الصحراء أثناء توغلهم جنوبا. وحضور البربرالأوائل في الصحراء يصادف الألف الثالث قبل الآن، لسبب بسيط هو انعدام الخيل فيها قبل ذلك التاريخ، وقحطها بعده بحيث لم يعد  للفرس بها مقام.
لقد نزل أصحاب العربات على رعاة الأبقار قبل أن يرغم المناخ هؤلاء الرعاة على النزوح صوب أطراف الصحراء، وبقي أصحاب العربات سادة الميدان وأثبتوا وجودهم بواسطة نقش العربات على جدران الكهوف والصخور بينما أخذ عنصر جديد في الظهور وهو كتابة "تيفناغ" وتبقى العلاقة بين الثقافتين مجهولة. كانت العربات رمزا للشأن لدى سادة البربر القدمى، ولم تلعب دورا كبيرا في التجارة نظرا لضعفها التقني أمام المناطق صعبة المرور.[3].
رغم العداء الذي استحكم بين الرومان والجرمنتيين، فقد انبثق تحالف مدهش بين الطرفين، تأسست عليه حملتان بارزتان قام بهما الرومان عبر فزان باتجاه البلدان في الجنوب. وتمت هاتان الحملتان في عهد تراجان حوالي سنة 100 بعد الميلاد. وتوغلت الحملة الأولى إلى بلاد السودان، ووصلت الحملة الثانية إلى "أرض أجيسما وهي بلاد الأثيوبيين" أي بلاد السودان جنوب الصحراء.
وربما كان السبب في تقرّب الجرمنتيين للرومان هو ظهور الجمل الذي كان سلاحا فتاكا جعل الجرمنتيين لم يعودوا بمأمن في الصحراء التي يلجؤون إليها، على نحو ما كان للقنبلة الذرية على النفسية اليابانية.
وصف الجرمنتيون أنفسهم بأنهم سود نوعا ما أو حتى شديدو السواد، ويُوصفون بأنهم قليلوا السواد  حسب بطليموس[4].
كان البربر الليبيون "الموْريون Maurii "، والنوميديون Numiddians " في الساحل، و" الجيتوليون  Getules " في السهول المرتفعة، والصحراويون البيض أو الخلاسيون "الهجناء" على حدود الصحراء، مثل الفاروسيين Pharusians والنجريتيين Nigrites  والجرمانتيين Garamantes، و"الأثيوبيون" المنتشرون من وادي السويس إلى شط الجريد، هؤلاء جميعا كانوا شعوب إفريقيا الصغرى في عصر الرحلات الفينيقية البحرية الأولى، وقد بقوا على هذا الحال طوال العصور القديمة[5].
في القرن الخامس سمع هيرودوت عن مجموعتين قبليتين هما الجرمانتيون والنسامونيون، وعن طريق هؤلاء الجرمانتيين حصل الرومان على مزيد من المعلومات عن المراكز الداخلية لإفريقيا في القرون التالية، ولكن هذه التجارة لم تترك أثرا. ولكن يذكر في المؤلفات العقيق الأحمر كإحدى السلع الصحراوية، وربما كانت هناك تجارة الرقيق، فيقال إن الجرمانتيين كانوا يتعقبون الأثيوبيين بعربات تجرها أربعة جياد[6]. عثر على قطعتي عملة من عهد الجمهورية الرومانية في غسرمت قرب أكجوجت.
قطعة عملة رومانية من القرن الثاني الميلادي عثر عليها قرب تمكركرت في موريتانيا.
عادة تترجم الكلمة الإغريقية Aithiops بـ "الرجل المسفوع الوجه" أي الذي لفحته الشمس وسودته، وهناك مناقشة صريحة جدا في ندوة داكار من 19 -24 يناير "كانون ثاني" 1976 عن "إفريقيا السوداء وعالم البحر المتوسط في العصور القديمة" [7].
كان يسكن وسط الصحراء وشمال الصحراء ـ أساسا ـ عناصر بيضاء" طوال القامة، لهم ملامح البحر المتوسط .. تتصف جمجمتهم بالضخامة ... الوجه طويل نوعا ما وضيق ... الأطراف نحيلة"، وهي الصفات التركيبية "المورفولوجية" ذاتها "للطوارق" المحدثين... كان الحراطين في الواحات الصحراوية، رغم وجود خلاسييّن بينهم، مجموعة منحدرة من "الأثيوبيين" المقيمين، كما جاء في هيرودوت، وكانوا مستعبدين للجرمانتيين الأغنياء.
يظهر الكيان الإقليمي العظيم لما يسمى بمملكة الجرمانتيين في المؤلفات اليونانية ـ اللاتينية، باعتباره الدولة المنظمة الوحيدة في داخل إفريقيا، جنوب الأراضي التي كانت مملوكة أولا لقرطاجة ثم لروما. وقد تصدى الجرمانتيون ـ كما ذكر هيرودوت مبكرا في القرن الخامس قبل الميلاد ـ للتقدم الروماني على الحدود الجنوبية للمغرب، لكنهم هزموا على يدي البروقنصل كورنيليوس بالبوس "الأصغر" في سنة 19قم . ثم نهائيا أمام قائد الفرقة الإفريقية فاليريوس فستوس في سنة 69 بعد الميلاد. ويبدو أن المملكة تحولت إلى دولة على شاكلة الدول التابعة للإمبراطورية.
اليهود: الموجة الحقيقية الأولى من مهاجري اليهود التي وصلت إلى شمال إفريقيا يحتمل أنها وصلت في أواخر القرن السادس قبل المسيح، إلى سيرينايكا "برقة" [= ليبيا] حيث يحتمل أنها ذابت في محيط من البربر الذين اعتنقوا اليهودية.
وفي سنة 115 م اندلعت ثورة يهودية كبيرة ضد الحكم الروماني في سيرينايكا. وبعد أن أخمدت الثورة هرب الكثير من اليهود نحو الغرب، ومن المحتمل أن البعض منهم بقي في الواحات شمالي الصحراء.
وينسب البعض شعبي الفولْبى والسونِنْكى إلى يهود شمال إفريقيا الذين قدموا من الشمال في عهود قديمة، لكن ذلك بقي مجرد تخمين.
وقد ذكر الجغرافيون العرب وجود اليهود في بعض الحواضر الصحراوية القديمة، مثل مدينة بانكلابين [= ولاتا الحالية؟]، وذكر الكاتب البرتغالي فرنندش  Fernandes (1506-1507) وجود جاليات من التجار اليهود الأثريا في مدينة ولاتة في القرن السادس عشر. وذكر البرتلي ت1219هـ في فتح الشكوروجود تجار يهود يعيشون في خفارة رؤساء المدينة.
وتذكر بعض الروايات المحلية، وجود "ملاّح" [حي يهوديٍ] في مدينة وادان الحالية.
إلا أن اليهود كانوا دوما من سكان الحضر، ولم يكونوا رحلا، ولذلك كان وجودهم في الصحراء وجودا تجاريا، مؤقتا.
الْبَافُورْ: قبائل من أسلاف صنهاجة من المور الذين قاتلوا الرومان، ولا تزال أصول الشعب غامضة إلى اليوم.
لايوجد ذكر للبافور في المصادر العربية الوسيطة، وهم على ما يبدو سكان أسطوريون تعزو الروايات المتعلقة بتأسيس حواضر آدْرَارْ موريتانيا: تِينيِكيِ، آبيّر، شنقيط، وادان، إعمار هذه الحواضر قبل انتشار الإسلام؟ تُرجع إليهم الروايات الشفاهية المتداولة إعمار أزوكَي قبل قضاء الأمير المرابطي أبي بكر بن عمر عليهم وعلى كلابهم المفترسة!
وقد حاول الباحث البولوني ت. لفيسكي LEWICKI (T) البحث عن أصول الْبَافُورْ، فأرجعهم إلى إحدى القبائل اللوبية "libyqueبموريتانيا القيصرية تدعى بافار " Bavare " اضطلعت في القرن الثاني للميلاد بأدوار هامة في شمال إفريقيا[8].
والحق أن الْبَافُورْ هم من أسلاف صنهاجة وبربر الصحراء، وتدل على ذلك أسماؤهم البربرية التي بقيت معروفة إلى القرن 17م مثل المسمى "كاليت بن محنض" وغيره.
وتدل آثار الْبَافُورْ على أنهم كانوا شعبا بربريا قويا، قاتلت فصائله المحاربة مع المرابطين، بدليل أن مجموعة "تيزَكّا" الحالية المنتسبة للبافور هي إحدى قبائل المرابطين التي كانت في مقدمة جيوش لمْطة، وكانت تقاتل باستخدام "الدرق" اللمطية الشهيرة.
ويمكن التأكد من أن قبائل الْبَافُورْ هي أولى طلائع المرابطين التي سيطرت على آدْرَارْ ولذلك سمي الجبل عليهم "آدْرَارْ أن ْ بافور" أي : "جبل الْبَافُورْ" ونعتقد أن ذلك تم في بداية الحركة المرابطية حدود 446هـ .
ينضاف إلى ذلك وجود شواهد تؤكد أن الْبَافُورْ كانوا من الظواعن كغيرهم من صنهاجة، ومن ذلك "الْبَافُورْية" وهي أضاة كبيرة في بلاد الحوض الحالية.
والحق أن الخارطة البشرية للبلاد الصحراوية آنذاك "بلاد الملثمين" أكثر تعقيدا، ولذلك فابن حوقل وصف عشرات القبائل بينما لم تيبق في الذاكرة المرابطية، المكتوبة، سوى عدة قبائل من صنهاجة التي كانت في غرب الصحراء وأسست دولا وممالك منها مملكة آوْكارْ في جنوب شرقي موريتانيا الحالية.


1)    ـ من مملكة آوْدَاغُسْتْ[9]  إلى الفتح العربي:
     قامت في الصحراء مملكة قوية لقبائل صنهاجة، موقعها في بلاد آوْكارْ[= في بلاد الحوض من جنوب شرقي موريتانيا الحالية]، وكانت عاصمتها تسمّى "أوْدَاغُسْتْ" [= تاكداوست] في شمال شرق الحوض أيضا، وحكمت هذه المملكة عشيرة الأنْباط  [=ليست لها صلة بأنباط المشرق] ويقدم الجغرافيون ذلك الإسم بصيغ مختلفة: أنْبيتا، أنْبيّة،..، ونُسبت الصحراء كلها إليهم "صحراء أنْبيت"، وأصل كلمة نبط: القوي، الملك، ولذلك أصبحت السلطة تُسمّى "تَنَبّاطَتْ".
وأقدم ظهور لاسم "الأنباط" ومفرده "نبط" ورد في نقش "حجر ماسنسّن"[10] وقد اكتُشف في مدينة "دكّة" الأثرية سنة 1904 في تونس، وهو نقش مزدوج اللغة يحمل في أسطر خمسة منه نصا مكتوبا بالحرف واللغة القرطاجيين وفي أسطره السبعة المقابلة نصا بالحرف واللغة الليبيين، وأكمل السطر السابع منها بالحرف واللغة القراطاجيين[11].  
عُرف صنهاجة الصحراء بالملثمين، تمييزا لهم عن بني عمومتهم من حاسري الرؤوس والقاطنين آنذاك  في التخوم الشمالية للصحراء الكبرى. ولا يُعرف الشيء الكثير عن أولية اللثام ودلالاته، أكثر من أنه صار شعارا للقوم ومواطنهم الصحراوية.
البكري ( قرطبة 1060 ) يقول بهذا الشأن:"..... جميع قبائل الصحراء يلتزمون النقاب  و هو فوق اللثام حتى لا يبدو منه إلا محاجر عينيه ولا يفارقون ذلك في حال من الأحوال ولا يميز رجل منهم وليه ولا حميه إلا إذا تنقب وكذلك في المعارك إذا قتل منهم القتيل وزال قناعه لم يعلم من هو حتى يعاد عليه القناع، وصار ذلك ألزم لهم من جلودهم  وهم يسمون من خالف زيهم هذا من جميع الناس أفواه الذبان بلغتهم >> ([12]).
أما ابن خلدون ( المتوفى  808 هـ) فقد كان أكثر دقة  في التعريف بالقوم ومجالاتهم، برغم تأخره في الزمان عن عهد أهل اللثام و دولتهم، ولكنه وصفهم بما نصه: <"..< هذه الطبقة من صنهاجة هم الملثمون الموطنون بالقفر وراء الرمال الصحراوية بالجنوب، أبعدوا في المجالات هناك منذ دهور قبل الفتح لا يعرف أولها فأصْحروا عن الأرياف ووجدوا بها المراد، وهجرو التلول وجفوها واعتاضوا عنها بألبان الأنعام ولحومها، انتباذا عن العمران واستئناسا بالانفراد  وتوحشا بالعز عن الغلبة والقهر، فنزلوا  من ريف الحبشة جوارا، وصاروا ما بين بلاد البربر وبلاد السودان  حجْزا واتخذوا اللثام خطاما تَمَايَزُوا بشِعاره بين الأمم >> ([13]).

 واسم صنهاجة تعريب للفظ "الأمازيغي": إزْناكَنْ، وهم مع مصمودة: إمصمودن، زناتة: إزْناتن، يكونون المجموعات القبلية الكبرى في المغرب الكبير.

ويذهب الباحث المأسوف عليه صدقي علي أزايكو ([14]) ضمن بحوثه حول أصول البربر، إلى رفض الأصل الأنْسابي لأسماء المجموعات المذكورة، ويقترح تفسير أسمائها بما ينسجم مع نحلة العيش الغالبة على حياة القوم. فيرى بخصوص صنهاجة أنها تعريب للفظ البربري إزْناكَنْ، وهو مركب من: إِهْنْ ( =إزْنْ)، ومعناه: الخيام المصنوعة من الجلد، إكن (= المغيرون أو الذين يمارسون الغارات). يقع التركيب إذن على هذا النحو: إزن +إكن = إزنكن، وبما أن التفخيم يعتبر من مميزات اللهجات الصنهاجية، يمكن أن نفترض أن الزاي ( العادية) يمكن أن تنطق مفخمة، قد تعني كلمة إزنكن، إذن: خيام القوم الذين يقومون بالغارات، ومعلوم أن هذا النوع  من الأنشطة يمارس بكثرة عند رحل الصحراء ([15]).

وفي فرضية أخرى (ب): أزن: <بعث، أرسل، إكْن:"فرقة غير نظامية من الرجال تجتمع للقيام بحركة حربية قصد النهب".

ويبدو أن نمط العيش القائم على الغزو كان غالبا على حياة الظواعن الصنهاجيين في الصحراء مع اهتمامهم بالتجارة وخفارة القوافل، والسيطرة على الممالح المهمة لدى جيرانهم السودانيين..
ومن أشهر القبائل الصنهاجية لهذا العهد ( ق1 هـ /7 م) قبائل لمتونة، ومسُّوفة، وكدالة.
وكان لمتونة يتمركزون في الوسط مع اقترابهم من النطاق الجنوبي المحاذي للسودان، قبل أن ينتقلوا في عهد الفتوحات المرابطية إلى جبل آدْرَارْ الذي سيصبح جبل لمتونة ([16]).
أما مسُّوفة فقد انتشروا على طول مسالك المحور الرابط بين سجلماسة وغانة، ولم تكن لهم أي مدينة باستثناء مدينة وادي درعة أو تيومتين الواقعة على مسيرة خمسة أيام من سجلماسة ([17]).
أما كدالة فقد انزووا نحو الغرب مع طول الساحل الأطلسي، مُحْكمين سيطرتهم على مملحة آوليل، التي كانت تمون السودان في بعض العهود ([18]).
وقد تكتلت هذه القبائل، في اتحادات سياسية وصل بعضها إلى مستوى كبير من النفوذ، ومن أشهر هذه القوى، مملكة آوداغست التي ازدهرت قبل المرابطين بكثير، ومن أقدم من ذكر هذه المملكة الرحالة اليعقوبي (ق 3هـ/9م)، في حديثه عن بلاد أنبية و قاعدتهم غست (= آوداغست) و أن لهم ملكا لا دين له يغزو يلاد السودان ([19])، وبعده أشار المسعودي ( ت 345 هـ/956م) ناقلاعن الفزاري ( نحو عام 172 هـ/788م)  إلى اسم أنبية ( أنبيتا ) للإشارة إلى الأراضي الواقعة بين سجلماسة و مملكة غانة، أي تقريبا، النطاق الغربي من الصحراء بأكمله ([20]).
و تدلّ أوْصاف الرحالين على أن هذا الإسم "الغامض" كان يكمن وراءه أقدم اتحاد لبربر الصحراء الغربية، ويقول ابن خلدون أن هذا الاتحاد كان يتألف من مسُّوفة ولمتونة وكدالة، ويرجع تاريخ انهياره، حسبما  يقول هذا المؤرخ إلى عام 306 هـ/919م ([21]).
  وكان أول رئيس صنهاجي يتولى الحكم في غرب الصحراء هو تيولتان بن تيكلان (أو إتلوتان بن تلاكاكين أو تيلكاكين أو تجكاكين) الذي ينتمي إلى قبيلة لمتونة، وترْفع المصادر نسبه إلى مصالة بن منصور بن ويسنو بن نزار، وتقول إن مركز مملكته كان في حاضرة آوداغست، وأنه حكم الصحراء كلها، ودان له أكثر من عشرين من ملوك السودان، حيث كانوا يدفعون له الْمُدَاراةْ، وكان يستطيع تجهيز مائة ألف من الجمال الأصيلة، وقد طال ملكه وتوفي في الثمانين من عمره وخلفه حفيده الأثير بن باتن، الذي تولى الملك حتى توفي عام  2877 هـ/900م. وكان آخر ملك لصنهاجة هو ولده تميم الذي تولى حكم هذه القبائل حتى عام 306 هـ/918م  وقد قتل على أيدي أعيان صنهاجة الذين ثاروا عليه لأسباب نجهلها.

 وعلى إثر ذلك حدث انشقاق بين قبائل  صنهاجة، ولم تعد إلى الوحدة من جديد إلا بعد 120 عاما تحت قيادة الأمير أبي عبد الله بن تيفاوت المعروف باسم ( تارسينا ) وهو أحد رؤساء لمتونة وقد توفي عام (426 هـ/ 1035م) ولم يدم حكمه سوى ثلاث سنوات. وجاء بعد ذلك صهره يحيى الكدالي، وأصبح رئيس صنهاجة، وبفضله تحولت هذه القبائل من إسلامها السطحي إلى مذهب أهل السنة على يد الداعية عبد الله ابن ياسين. ([22])

وقد ترددت أصداء الفتح العربي لشمال إفريقية في الصحراء الصنهاجية، ثم لم تلبث هذه الاتحادات القبلية أن تعرضت لتأثير الفتوح مباشرة. ويرى ابن خلدون أن جماعات لمتونة وقبائل صنهاجة الأخرى، لم تعتنق الإسلام إلا بعد فترة من دخول العرب للأندلس، أي في النصف الأول من القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي ([23]).

وبغض النظر عن هذا الرأي ما ذكره الزهري  ( نحو عام 546 هـ/ 1150م ) في كتاب الجغرافية، من أن المرابطين، وجماعة لمتونة على الخصوص، تحولوا إلى الإسلام إبان عهد الخليفة هشام بن عبد الملك( 105 هـ  ـ_125 هـ/724 ـ_ 743م )في الوقت الذي اعتنق فيه سكان واحة ورغلة الإسلام ([24]).

ومن أقدم الإشارات عن الفتوح وعلاقتها بالصحراء، ما يذكر عن حملات عقبة ابن نافع في السوس الأقصى عام 62 هـ/682م.
وتسرد المصادر العربية، بكل ثقة، مراحل حملات عقبة ووصولها إلى التخوم الشمالية لصنهاجة اللثام،  لكنها تتحاشى أن تنسب إليه اجتياز الصحراء جنوبا.

ابن عبد الحكم ([25]) يذكر أن عقبة غزى إلى " السوس () و أهل السوس  بطن من البربر يقال لهم أنبية فجول في بلادهم لا يعرض له أحد و لا يقاتله ".
أما ابن خلدون ([26])  فذكر أن هذا الفاتح "أجاز إلى بلاد السوس لقتال من بها من صنهاجة أهل اللثام وهم يومئذ على دين المجوسية ولم يدينوا بالنصرانية فاثخن فيهم وانتهى إلى  تارودانت وهزم جموع البربر و قاتل  مسُّوفة من وراء السوس وسباهم وقفل راجعا ".
وقد هز الفتح العقبي رتابة الحياة الصنهاجية وعرّفهم على الدين الجديد وربما أصبحت دولة الفهريين تخضع لها الصحراء حتى وفاة آخر أمرائها.
ونرى أن موسى بن نصير هو من نشر الدين بالدعوة وأن الصحراء كانت تابعة لموسى وأنه ولى زعماء الملثمين أعمالا في ديارهم كما أقبلوا للمشاركة في الغنائم وكان منهم من شارك في الفتوح مثل جماعة شاركت في فتح الأندلس[27].

ولا تقدم المصادر الأخرى، بوجه عام، أي جديد بهذا الشأن، ولا يزال الفتح العقبي للمغرب نفسه محل إشكال برغم اكتشاف مصادر جديدة، مثل رواية صالح بن عبد الحليم في  كتاب الأنساب عن دخول عقبة إلى المغرب وجولاته في بلاد هسكورة ووصوله إلى السوس وقفوله منه، في تفاصيل لا تخلو من دقة " وقد سبق أن نشر ابروفانصال هذه الرواية [  العدد الأول من مجلة آرابيكاARABICA  سنة 1954 ] واعتبرها أقرب روايات الفتح إلى الواقع وأبعدها عن الأسطورة، نظرا لاعتمادها على روايات  شفهية لذكرى أحداث محلية..>> ([28]).
وقد أورد البحاثة القدير أحمد التوفيق جانبا من هذا النقاش في أطروحته الشهيرة ( المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر: 58_و59،_86)  ونبّه إلى أنّ "التصديق بمثل هذه الجولة عبر المرات والخوانق الجبلية الوعرة، وخلال كتل بشرية هائلة متنافرة متلاحمة ومن أجل نشر دين جديد، من الأمور التي تستدعي غاية الحرص والتردّد" ([29]).
ومن المنطلق نفسه يقرر البحاثة محمد بن مولود بن داداه الشنافي ([30]) أنّ المجموعة المسّوفية، كانت تنتجع إلى أطراف السوس، مما يعني أن جيوش الفتح قد خضدت شوكة قبائل اللثام  في تلك التخوم،  ولم تتوغل نحو الجنوب حيث مجالات صنهاجة المســماة "أنْبية"والتي كانت تعني آنذاك صحراء الملثمين نسبة لمملكة آوداغست سالفة الذكر. كما أن اسم أنْبِيَّةَ (أنْبيتا) هذه، سيرد في أخبار حملات أخرى  انطلقت من السوس صوب الصحراء، ولعلها بلغت مصب نهر السينغال في أقصى الجنوب الغربي الموريتاني!؟.
 و من أشهر هذه الحملات ما تحدث عنه  أبو الخطاب الأزدي ( أو: الأسدي ) [ ت: 145 هـ/762م ]، من رواية نقلها ابن الفقيه، منها العبارة التالية عن القائد العربي المشترى ابن الأسود: " غزوْتُ بلاد أنْبِيّةَ عشرين غزوة  من السوس الأقصى فرأيت النيل [ = نهر السينغال] بينه وبين الأجو الأجاج كثيب …" ([31])، والظاهر أن الاسم الصحيح لهذا القائد هو المستنير بن الحرش وكان من قادة السرايا في حملات الشمال الإفريقي.
وبغض النظر عم حملات المشتري هذا وأسباب ذكر اسم أبي الخطاب فيها ([32])، فإن حملات أحفاد عقبة قد و صلت إلى الإقليم. من ذلك حملة حبيب بن عبيدة بن عقبة التي و  صلت إلى مشارف آوداغست ([33]) وقد عاد منها هذا الفاتح محملا بالذهب و الأسرى. وتلفت الانتباه إشارة المصادر إلى  أن من تلك الغنائم جاريتان من جنس تسميه البربر "أجان" وهو على ما يبدو تحريف للتسمية التي يطلقها الصنهاجيون على مجاوريهم من السودان، وأصل التسمية يرجع إلى صيغة: أجان، جناوة، وينطق أيضا بالكاف المعقودة الشائعة في النطق الصنهاجي: أكان، كناوة،  وكذا الأمر في الصيغ الأخرى مثل: أكني، جني، تكانت: تجانت، وهي اصطلاحات تحيل إلى الغابة، أو المناطق الكثيفة الأشجار، كما تطلق  على سكان تلك الأماكن، والأمثلة كثيرة في هذا الباب.
ويُذكر أن عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة([34]) حفر سلسلة من الآبار  "من تامدلت إلى مدينة آوداغست" و كان  لهذا الإجراء نتائج طيبة على حركة القوافل ونشاط الدعاة المسلمين.
والمفهوم أن مختلف الحملات المتأخرة، كانت موجهة ضد الاتحاد الصنهاجي الذي  كان يقود نبلاء لمتونة المعروفين الأنبيتا ( الأنباط)، ذلك أنه بعد انفراط عقد هذا التحالف لم تشر المصادر إلى حملات أخرى على الإقليم. فهل يتعلق الأمر بحصول سكان الصحراء، آنذاك، على درجة من ألأسلمة كافية لحمايتهم من بطش الفاتحين العرب؟
نحسب أن الأمر كذلك وإلا لما ذكر الإخباريون أن صنهاجة في تلك الفترة، انهم كانوا "على السنة مجاهدين للسودان" و أن رئيس حلفهم عبد الله  بن تفاوت كان "من أهل الفضل والدين والحج والجهاد". إلا أن هذا الإسلام "السني"و  "الجهاد" ضد مشركي السودان قد لا يعني تعمّق الأسْلَمَةِ بيين الصنهاجيين بدليل سطحية إسلامهم التي كشف عنها بدء أمر المرابطين، بل قصارى ما يمكن فهمه من تلك "السنية"هو تميز  الإسلام الصنهاجي على ما يجاوره  من الدوائر الدينية والمذهبية المنتشرة آنذاك حول الصحراء، و من ثم لم يُنْسب الصنهاجيون إلى أي من تلك الفرق و المذاهب، كما لم يصنفوا، في الكتابات التي أشارت إليهم، إلا في عداد أهل السنة ([35]).
لكن إسلام القوم لم يتعمق، إلا مع حركة المرابطين التي ستضع ما سيكون المعتقد السني الصحيح  في شكله الطبيعي وتوحد المجال الديني والثقافي والسياسي على نحو حاسم.
 
II- حركة المرابطين:
ينبع اهتمامنا بالحركة المرابطية من منزلتها من تاريخ موريتانيا، إنْ على مستوى مسارها العام، أوعلى مستوى ما أفضت إليه من نتائج. ولكننا مع ذلك، سنركز على مسألة الرباط وسياقها الدلالي والمصطلحي لما لها من وثيق الصلة ببعض إشكالات الزوايا والتقاليد المرابطية الآتي بحثها، إضافة إلى النتائج البعيدة المدى للحركة على مستوى الثقافة والمجتمع.

آ) أوَّليّةُ حركة المُرابطين:

تقص الرواية شبه المُجْمع عليها، أنّ أوّليّة المرابطين تعود إلى حجة زعيم صنهاجة يحيى بن إبراهيم بن ترجوت اللمتوني[36]، وليس الكدالي كما هو شائع، حيث عرج في مَقْفله من حجّه، على القيروان، وفيها لقيَّ شيخ المالكية أبا عمران الفاسي (ت 430 هـ/1039م) وقد طلب اللمتوني من الفاسيِّ أنْ يُرسل معه أحد تلاميذه، ليعلم قومه في الصحراء واجباتهم الدينية التي كانوا يجهلونها، ولما لم يجد الفاسي تلميذا يقبل تحمل مشاق الرحلة وصعوبة العيش في الصحراء، فقد نصح اللمتوني بأن يمر بتلميذ آخر للفاسي هو واجاج بن زلوي اللمطي المقيم في ملكوس في السوس، وقد وجد اللمتوني بغيته هناك، حيث أصحبه وجاج تلميذه عبد الله إبن ياسين والذي أبدى حماسا للرحلة وأهدافها ([37]).
وبالرغم من بعض المصاعب التي لقيها الداعية الجديد، وهو أمر مفهوم، فإن مسار الدعوة أفضى إلى تطور الدعوة بسرعة من دعوة إصلاحية إلى حركة جهادية، اندفعت شمالا محطمة سيطرة زناتة ومنهية سيطرة " الجيوب البدعية" ( من مختلف أصحاب الفرق والدعوات المنحرفة ) ثم كرت جنوبا لتدك آودغست على سكانها دكا عقابا لهم على قبولهم سلطان ملك غانة الوثني، ثم استمر مسار الحركة لتصبح دولة قائمة بين مراكش والصحراء في سياق معروف ([38]).
    ويمكن، تلخيص كرونولوجيا الحركة في التواريخ التقريبية التالية:
           1. مرحلة الدعوة الأولى لابن ياسين بين صفوف كدالة 430-445هـ وانتهت بطرده. وفي هذه المرحلة أسس مدينة "أَرْتَنَنِّي" في شمالي بلاد الحوض الحالية [شرقي موريتانيا] وكان بناؤها تجسيدا لروح الدعوة الجديدة القائمة على المساواة حيث أمر ابن ياسين أصحابه "أنْ لايشفَّ بناؤها على بعض" بحيث تكون بيوتها متساوية في الشكل والمضمون.
           2. غزو وادي درعة وما والاه حدود سنة 445-446هـ.
           3.  الهجوم على سجلماسة 446هـ
           4.  الهجوم على أوداغست وتخريبها سنة 446هـ.
           5. حصار كدالة لآزوكي واستشهاد يحي بن عمر و"لابَى إبن وارجابي" أمير تكرور 448هـ/1056م.
           6. غزو أغمات وبلاد المصامدة سنة 449هـ.
           7. إخضاع بلاد الصحراء والمغرب كليا 450-451هـ
           8. وفاة عبد الله بن ياسين سنة 451هـ.
           9. بناء مراكش 463هـ
          10.تخلي أبو بكر بن عمر عن حكم المغرب ليوسف سنة 465هـ مع بقائه قائدا للحركة وأميرا للدولة..
          11.فتح فاس على يد يوسف سنة 468هـ
          12.فتح وهران وتلمسان في 475هـ
          13.استشهاد أبو بكر بن عمر اللمتوني سنة 468هـ
          14.وفاة ابراهيم بن أبي بكر بن عمر سنة 480هـ
          15.وفاة أبي بكر محمد بن الحسن الحضرمي المرادي قاضي قضاة المرابطين في صحراء الملثمين"موريتانيا" سنة 489هـ.
    واستمرت الحملات المرابطية حسب التطور المعروف في المصادر الوسيطة حتى انهيار الدولة في المغرب والأندلس.
     لكن المعارك المرابطية الكبرى في صحراء الملثمين لم تحظ بمعالجة كافية بل لعلها أُهملت تماما.
ومن أشهرها معركة الجبل سنة، وهو جبل آدْرَارْ الحالي [ شمال غربي موريتانيا] وقد دارت فيه معارك طاحنة استمرت عدة أيام انتصرت فيها قبائل صنهاجة فسماها الداعية عبد الله ابن ياسين بالمرابطين. 
     وقد استأصل الفتح المرابطي مجموعة كانت متمركزة هناك منذ منتصف الألف الثاني على الأقل وهي مجموعة نعتقد أنها ما يسمى محليًّا أغْرُمَّانْ [= أقرمان: جارمان والتاء ملحقة في الأمازيغية ] وهي تسمية متأتية من صيغة التصغير البربرية: أغْ رومان: أي الرومان الصغار أو الرومان الممسوخون لأان هذه القبائل كانت وثيقة الصلة بالرومان لاسيما بشأن تجارة القوافل بحثا عن الذهب.  وهي بالتحديد من قبائل الجارمنت [ الغارمنت ] الليبية الشهيرة ول�

المصدر: Almashhed.com/vb

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق