إلــى "ماديبا" المُخلِصْ (1/3)
بقلم :عبيد ولــد إميجن
أنواكشــوط - موريتانيا
نُثِرَتْ باقات
الزهور وأُقِيمَت صلـوات الحزن الدامي على مُنْتَظَرِ الفواجعِ حيث يَـرقد الآن، "ماديبا"
في مستشفى Medi-Clinic Heart Hospital ببريتوريا، وتسابقت الساعات
والدقائــق أمام نفـوس تكاد تصرخ وتقول كفى حزنا، فما تضعضعت الأيقونة وما ما بها
إرتخـاء..، و"نفوس تتمنى قبل الرحيــل الرحيــلا[U1] !"، إن عجب!، فمن يخالجه الشك بإنكسار
الأيقونة إن هو إلا كالمكفـوف قدما لا يرى فوق النـدى إكليـلا!، وعلى أعتاب المستشفى يوقــد الكل مشاعل الأمل فيما تتوقد
مشاعر اللهفة والترقب كل السائرين على أسلوب ونهج "ماديبا" القـزحي.
من خَطَبَ، في لحظة
إنكسـار العُــزَلْ: "لا تسألوني لماذا يطغى الطغاة، بل اسألوا أنفسكم لماذا تركعون[U2] ؟"، مثل هذا الأيقونة لا يهـزم بالموت وإن
توسد جسده التراب، ولا بالأمنيـات الكافرة بقيم الإنسانية..، ولا يفترسها، حتى الالتهاب
الرئوي الحاد وما أخبثه من داء، كلا،.. فــ"ماديبا" وإن إستبــد به
الألــم واكفهرت من حوله الظـروف، ليس له من عــزاء سوى بقــاء ذكــراه الأبــدية.
فيا "ماديبا"!
أيها، الإنسان
العظيم، والمبجل..
يا أقصوصة تحكيها
الجدات عــن قضيتنا، ويا رمــزا عصيا على الإمحــاء.
أما ترى طلعتك
البهية..، آيات عطر يفــوح منه رحيق مواقفكـ..
ويا فصلا عبقا في
التــاريخ، إن للإنسانية رجاء..
فمن ذا الذي، سيذود
من بعدك عن حياضها،
و أين، الذي
سينافـح بصدق، إثرك لإحقاق أحلامها..آمالها..
يا
"ماديبا" ..العظيم والمبجل..
أنت لم/لن تمت!.
"أنديليكا"
الحزينة، هي سبط الأيقونة، والحزينة الأبرز في عالم تبددت فيه العواطف وانطفأت
المشاعر، و أنت تستشعرين الفاجعة دعيني
أذكركــ، يا إبنة الثيمبـــو[U3] أن علة بالجسم تبقي "ماديبا" طريح
الفراش عشــرة أيام فقط، لكنها لا تساوي شيئا أمام وحشة طالته سبعا وعشرين عاما في
سجن "روبن أيلاند"، أما قضى جدكِ خلالها 10000 آلاف يوم بزنزانته
الأشهــر 46664 !!.
إن كنت تتذكرين صمـود وجَلَدَ "ماديبا"
ذاك، فتأكــدي في هذا الوقت العصيب أن الأمم "المختلطة" تبتهل إلى
السماء لكي تعطيه القــوة الهـادئة، فقد يبسط الإلــه شآبيب سكينته على روح
اللاعنف القارة بجسد "ماديبا"..
أما، أنت أيها "الأيقونة"
"ماديبا"
العظيم والمبجل
فنحن لا نبالغ بين
إفتقادك، وطغيان حضورك، وبأنك ما زلت حياً دافئا تدب في جوانحنا المُكسرة، تلهمنا
بإخلاصك، ترشدنا بأفكارك، تنتقدنا بصرامتك، تمازحنا بتسامحك.
أيها
"الأيقونة" ..أنت المُخَلِصُ والبشرية كلها أبناؤك.
وما عشت لأنسى صنـوك
في ديار المجد الدكتور مارتن لوثر كينغ، وهــو يفجـر نداء الحــرية الأبكــر ورحيق
أولـى العزم من المناضلين؛ حين يقول لأنصاره، وكلنا أنصاره "إذا جعلت نفسك دودة
على الأرض فلا تلم من يدوسك بقدميه".!. وهكذا، قـدرا على إيقــاظ الغافلين
والمستعبدين والمنسيين في جنوب إفريقية، والولايات المتحدة وفي موريتانيا وعبر
العالم.، أما "ماديبا" وهو يقود
ثورة الجماهير السوداء ضد المعاناة والعنصرية فقــد كان يحاور حينها السلاح
والبارود، والجدران الصماء!.
لكن المؤتمر الوطني
الإفريقي غنم بفضله الحــق والتسامح واحترام الآخر مهما كانت غرابة لونه على ساكنة
"الكيب". ثم عندما آل إليــه الأمــر عزف سريعا عن المنصب جريا وراء
إحقــاق الديمقراطية، وإرساء قاعدة المساواة في المواطنة بين الألوان والاثنيات
والقبائل الجنوب إفريقية.
إن إرادتنا لإبقاء
الأيقــونة حية، تظل أقوى من فاجعة اللحظة المنتظرة...
وسيبقى، نيلسون مانديلا
حيا، وإن توسد تراب "مفيزو[U4] " الموحشة، وسيزوره "البافانا"
مرة، وستــودعه الأمم "المختلطة" رغبة ورهبة، نظير نهج نضاله
الأسطوري..،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق