سعادة السفير
بلال ولد ورزكـ، من مواليد سنة 1953 بمقاطعة مونكل في الجنوب الشرقي من موريتانيا،
يشهد له زملاؤه بالتميز والتفوق طيلة مراحله التعليمية التي مكنته من ولوج مناصب
إدارية وديبلوماسية رفيعة، عمل ديبلومسيا وسفيرا لموريتانيا في الكوت ديفوار،
وغينيا بيساووبروكسل وباماكو ودكار، ثم في واشنطن وصنعاء باليمن قبل ان يستفيد من
حقه في التقاعد. يعمل السفير بلال ولد ورزكـ، في الوقت الحالي خبيرا إستشاريا في
مجالا حيوية وتنموية، بالإضافة إلى تقديمه لخدمات إستشارية على صعيد دولي.
أجرت معه مدونة
لحراطين هذا اللقاء؛
مدونة
لحراطين : مرحبا سعادة السفير بلال ولد ورزكــ، كنت تتولى وظائف سامية في هرم الدولة
فمن سفيـر لموريتانيا في بامكو، و واشنطن وانتهاء بصنعاء، وكنت بحق بمثابة
الديبلوماسي الذي يخدم بلده لأعوام طويلة. وبفضل ذلك اكتسبت تجربة غنية على الصعيد
الدولي لا زال بالإمكان إستثمارها. وفي الوقت الحالي، يجري الحديث حول موضـوع
الأزمة في مالي، بصفتك سفيـرا خبيرا بالمنطقة نود التعرف على رأيك فيما يتعلق
بموقف بلدنا من هذه الأزمة؟
بلال ولد ورزك: أنا
أشعر في قرارة نفسي بمعزة دولة مالي، التي سبق وأن خدمت فيها لمدة أربع سنوات بوصفي سفيرا
لموريتانيا هنالك مابين (1992-1996) : وأنا أحب هذا البلد وشعبه وأشعر بالأسف
البالغ لكل ما قد يلحق أمنها ووحدة شعبها، لكنني أيضا متأكد من توفرها على الموارد
اللازمة لمواجهة الوضعية الحالية. أما الموقف الموريتاني فلا يمكنه إلا أن ينحوا
باتجاه التضامن مع مالي التي نشتـرك معها فيما يناهز الــ2400 كيلومتر من الحدود
المشتركة وهو ما لا يمكن لأي نظام في موريتانيا أن يتجاهله.
مدونة
لحراطين : بوصفك، من أهم كبار رجالات
الساسة و أحد الشخصيات الريادية على صعيد بعث النضالات الانعتاقية لشعب لحراطين. والكل
يرى أنك لا تتحدث كثيرا عن هذا الجانب من حياتك، نظرا ربما إلى الفترة الوظيفية
الطويلة والتي أملت عليك التحفظ الديبلوماسي؟
بلال ولد ورزك: لقد حضرت السنة الماضية وفي هذه السنة
فعاليات الذكرى الرابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين على التوالي لإنشاء حركة
الحر وذلك بناء على دعوة تلقيتها من صديقي الساموري ولد البي، ومحمد ولد بربص. شخصيا
لم أخفي يوما قناعاتي بشأن الحــر، ولا تنكرت لأدوارها في تحرير وانعتاق لحراطين.
مدونة
لحراطين : هذه المقابلة تندرج في إطار إحياء ذكرى الحر، التي تحتفل هذه الأيام
بمناسبة إطفـاء شمعتها الخامسة والثلاثين. هل يمكنك أن تقول لنا ما تعرفه بشأن هذه
الحركة ؟
بلال ولد ورزك: يعود الفضل في صياغة ميثاق الحر إبان
1974-1975 إلــي شخصيا، فأنا الذي أقنعت العديد من أبناء جلدتي بالإنضمام، وبصفة
خاصة بوبكر ولد مسعود، وبيجل ولد هميد ، وفي جلب مسعود ولد بلخير نفسه ليصيرعضوا
قياديا في الحر.
مدونة
لحراطين : ضمن مقابلة صحفية قال صديقك ورفيق دربك محمد يحي ولد سيرى ما يلي : (فيما
يتعلق بالحر، أنا هو المبادر سنة 1974 حين كنت في المدرسة الوطنية للإدارة. وفي دجمبر
1974 أسست إلى جانب بلال ولد ورزك الحركة، لقد إلتقينا خلال سنتنا الأولى من القسم
الديبلوماسي. وإستغرق الأمر شهرين لإقناعه. لقد استعنت في سبيل ذلك بشقيقته
"كمبيت منت ورزك" وهي سكرتيرة في الوزارة حينها،- توفيت بعد ذلك (رحمها
الله وأدخلها جناته)-. ولدي قائمة من عشرة أفراد حاولنا في نهاية العام 1974
تنظيمهم في إطار الحركة. وفي اللائحة الأعضاء المؤسيين للحر، الذي انشأ بعد ذلك في
الخامس من مارس 1978، يوجد أربعة عناصر سبق لنا تأطيرها حركيا. بما في ذلك بلال
نفسه والذي لا يمكنه إنكار ذلك. وكنت تركت النواة الأولى للحر بعد أن نشبت بيني
وبلال خلافات تركزت على أمرين: حاولت التأسيس لبنية تنظيمية، معقدة وغير قابلة
للإختـراق أو سهلة على محاولات التفكيك. و رأى بلال في ذلك وسيلة للالتفاف على
الحركة. وبالكاد يكون هذا من ضمن نواياي التي كانت منصبة فقط على البحث، قبل كل شيء
في الفعالية". إنتهى الاستشهاد
سعادة السفير،
هــل لديك تعليق على هذا المقتطف الخاص بك من مقابلة رفيقك السابق؟
بلال ولد ورزك: أنا لا اتذكر تلك الخلافات بيننا. أما
شقيقتي كمبيت (رحمها الله) فهي بحق مناضلة عظيمة في حركة الحر ، وكانت الوحيدة
التي رافقت أعضاء التنظيم إلى المعتقل بمدينة روصو و أشرفت بنفسها على تأمين
مطالبهم من غداء ودواء وشراب، ..إلخ، أما عن نفسي فقد كنت في المنفي بعد أن قدمت استقالتي
من الوظيفة بأبيدحان دعما للمعتقلين وإصرارا على تحريرهم. ويجب أن تسأل ولد سيــرى
أين كان في ذلك الوقت؟ أنا أقدر هذا الرجل كثيرا واعتقد أن الفرق الوحيد بيننا
يكمن في القرارات الشجاعة عندما يتعلق الأمــر بالعمل على نحو أكثر فاعلية.
مدونة
لحراطين : سعادة السفير دعنا نعود قليلا، إلى حركة الحــر التي إحتفلت مؤخرا
بمرور 35 سنة على قيامها، حتى نستوضح منك حول المسار التـاريخي للحركة، والتي كنت
من بين واضعي أهدافها؟ هل النتائج التي حققتها الحركة بالنسبة لك مرضية؟
بلال ولد ورزك: حينما عرفت موريتانيا الأحداث
المأساوية لسنة 1966، سارع الكثير من المفكرين والشباب الموريتاني و من مختلف
الإثنيات إلى تأسيس الحركة الوطنية الديمقراطية (MND) أو الكادحين. ولقـد تقرر في ذلك الوقت تسليط الضوء على التضامن
بين جميع الموريتانيين من اجل تحقيق المطالب المشتركة والمشروعة. لصالح كل مكونات
الأمة، وأنخرط لحراطين في الحركة الوطنية الديمقراطية، وذلك على نطاق واسع وكانوا
رأس الحربة. وابتداء من العام 1973 وفي ظل حكم الراحل المخطار ولد داداه (رحمه
الله)، استجيب لمعظم مطالب الــMND، وكنت حينها رئيسا لإحدى اللجان القاعدية في أنواكشوط. ثم جرى
التقييم بناء على ما حصل، كما أعلن العديد من مناضلي الحركة الوطنية الديمقراطية
عن الاندماج في حزب الشعب، ومختلف تفرعاته الأخرى.
لقد أعلنت
حينها، أن أوضاع العبيد أو لحراطيـن عموما لم تشهد تحسنا بالرغم من انتمائهم
الواسع للحركة الوطنية الديمقراطية، وفي سبيل ذلك جرى إتهامي من قبل الرفاق
بالتعصب، ولكن ساعتها كنت قد إتخذت قراري. لقد سارعت إلى مناقشة الفكرة مع السفير محمد
يحي ولد سيرى، والذي هــو زميلي في المدرسة الوطنية للإدارة (ENA)، ورفيقنا عمر
ولد أحمد دينا الذي هــو أخي من الرضاعة، واتفقنا على تجسيد فكرة التنظيم.
مدونة
لحراطين : نشــر بعض الآباء المؤسسين لحركة الحر وثيقة أسموها "ميثاق
الحر"، وبصفة ما إختفت بعض الأسماء من أمثال محمد يحي ولد سيرى من لائحة
المؤسسيـن، للتاريخ هل يمكنك أن تعطينا الأسماء الحقيقية للمجموعة الأولى من المبادرين
إلى تأسيس الحركة في عام 1974 بالمدرسة الوطنية للإدارة؟.
بلال ولد ورزك: المجموعة مكونة من ثلاث أشخاص جرى
ذكرهم أعلاه، أما الآخرون كلهم فقد التحقوا فيما بعـد، والذين أعلنوا عن ميلاد
التنظيم هم 12 عضوا في 05 مارس 1978، ولكن الحركة تأسست قبل ذلك بكثير.
مدونة
لحراطين : الرئيس الحالي للجمعية الوطنية مسعود ولد بلخير دعا إلى حل حركة
الحر، التي يعتبر أن بقاءها لم يعد مبررا بالرغم من أن وضعية الأرقاء والأرقاء
السابقين لم يطرأ عليها تغير يذكر، هذه التصريحات تسببت في حدوث انشقاقات داخل مكونه
الحزبي "التحالف الشعبي التقدمي"، فلجأ محمد ولد بربص، والساموري ولد
البي وعديد من الأطر الحزبية الى احتساب الخطوة "خيانة" لقضية لحراطين، و
أنشئوا إثر ذلك حزبا سياسيا أسموه حزب "المستقبل". هل ترى سببا معينا
يدفع مسعود ولد بلخير إلى حفظ حركة الحر داخل الإرشيف؟
بلال ولد ورزك: وقرر قبل ذلك أن الرق قد اختفى من موريتانيا،
وأن الأخيـرة أضحت دولة ديمقراطية ، وان لحراطيـن بإمكانهم الآن الإنخراط وفق
إختياراتهم في الأحزاب السياسية القائمة. إذا اعتقد أن الرئيس مسعود ولد بلخير
اعتبر أن النضال إنتهى بينما الآخرون يرون عكسه وبأنه لا يزال هناك الكثير يجب
القيام به.
مدونة
لحراطين : الدولة الموريتانية، الأحزاب السياسية والأئمة وبعض المفكرين يصرون
على إنكار الممارسات الاسترقاقية على الأرض الموريتانية. وحجة هؤلاء تستند على وضع
قوانين تجرم الإسترقاق وتوفر الحماية للضحايا، على الرغم من أن ذلك لم يطبق فعليا.
لماذا يستمر هذا الجدل المتسم بالنفاق حول طبيعة الممارسات الاسترقاقية والعنصرية
التي يخضع لها لحراطين؟
بلال ولد ورزك: هذا "النفاق" يفيـد شيئا
واحدا وهو أن قضية لحراطين جد حساسة وبأنها ستبقى مركزية في الأفق المنظور بموريتانيا.
مدونة
لحراطين : الجيل الجديد يتسم بالوعي بحيث يصعب عليهم تفهم مواقف الآباء
المؤسسين لحركة الحر، ويتهمونكم بإمتطاء ظهور ضحايا الإسترقاق لأجل الحصول على
إمتيازات شخصية. وكذلك فإن معظم الأعضاء المؤسسين هجروا النضال ومناهضة الرق طمعا
في وظائف حكومية أو حقائب وزارية. و وصل الأمر ببعض هؤلاء للسير بحماسة مع قافلة
المنكرين لمأساة العبيد في موريتانيا وذلك بغرض الحفاظ على مواقعهم الجديدة من
خلال اعتماد الخطاب الرسمي. ماذا ستقول لهذا الجيل من أبناء لحراطين؟
بلال ولد ورزك: لا أعرف أيا من أعضاء الحر المؤسسين
نفى أو أنكر وجود الاسترقاق، حتى لو كانت الدولة قد إستخدمت ولا تزال تستخدم بعضا
من أطر لحراطين بقصد إمتداح دعايتها الرسمية. شخصيا عندما كنت سفيـرا لموريتانيا
في واشنطن، واصلت كفاحي ضد الرق عبر إجراء العديد من المقابلات ولم أتنكر لخلفياتي
المناهضة لكل ألوان الظلم واللاعدالة. و للأسف كانت نتيجة ذلك أنني أبعدت من
واشنطن بعد 10 أشهر من تعييني سفيرا بها.
مدونة
لحراطين : خلال أول اعتقال يطال أعضاء الحر، ممن قدموا للمحاكمة في روصو، هل
تلقيتم مساندة أيا كانت من التنظيمات الزنجية الموريتانية؟ في حالة الإجابة بنعم،
اذكر للقراء أمثلة؟
بلال ولد ورزك: لم أمثل، أو أحضر محاكمة الرفاق في
روصو
مدونة
لحراطين : يعمل العرب-البربر في كثير من الأحيان وفق مقاربات إقطاعية، بهدف الحفاظ
على استمرار الرق، ونفس الشيء ينطبق على الأوساط الزنجية-الافريقية، فهل يا ترى
يوجد فرق بين الممارستين؟ ولماذا نجد بعض الأوجه في المجموعتين ضمن سعي حميم لإعاقة
جهود مكافحة الرق ؟
بلال ولد ورزك: انت وصفت الاقطاع، وأنا اجده هو نفسه
وفي كل مكان.
مدونة
لحراطين : سياسة "تعريب" لحراطين أصبحت رأس مال الفرقاء الساعين إلى
تعديل الكفة الديمغرافية وذلك عبر فبركة التقديرات الإحصائية. والدولة الموريتانية
منذ عقـود وهي تؤكد على أن الأغلبية في البلد "عربية"، وهو توجه يؤكد
على نية هؤلاء لإبقاء لحراطين تحت سطوة أسيادهم الاسترقاقيين؟
بلال ولد ورزك: لا يمكن
إستعباد الناس بواسطة لغة ما، بعد أن أصبح شبابنا اليوم هم أفضل من يتقن المحاججة
من خلال هذه اللغة في مناظراتهم ومعاركهم الفكرية ضد جبهات تغض الطرف عن الاسترقاق
والتمييز.
مدونة
لحراطين : هل تعتقد أن للحراطين، جذور مختلفة عن كل من المكونين
العربي-البربري والمجتمعات الزنجية، في هذه الحالة كيف يمكن تحديد هوية لحراطين؟
بلال ولد ورزك: لحراطين هم
الناتج العام لمجمل محطات التاريخ الموريتاني وهم وحدهم من سيضمن ديمومة التعايش
المشترك. ومصلحتهم تكمن في وجود دولة موريتانية قوية
وديمقراطية وتفتخر بالتنــوع كطريق للشموخ الوطني.
مدونة
لحراطين : على إثر الحر، أعلن عن مبادرات جمعوية عديدة و أصبحنا نرى : نجدة
العبيد، رابطة حراطين أوروبا، مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية، هل فشل الحر هـو
الذي دفع هذه التنظيمات لحمل المشعل؟ هل أنت راض عنها؟
بلال ولد ورزك: أي مساهمة على صعيد مناهضة اللاعدالة
تظل موضع ترحيب وأنا أؤيدها.
مدونة
لحراطين : ما هو شعورك تجاه العمل المقام به من قبل رابطة حراطين أوروبا، على
الساحة الوطنية والدولية وجهودها للمساهمة في القضاء على الرق منذ تأسيسها في
يوليو 2001؟
بلال ولد ورزك: أنا أعتقد أن رابطة حراطين أوروبا، قد ساهمت بجزء معتبر من المجهود الوطني المناوئ للظلم، هذا بالرغم من أنني لست
متابعا كثيرا لأنشطة هذه الرابطة.
مدونة
لحراطين : هل عندك رسالة تود توجيهها إلى القراء من خلال منبرنا؟
بلال ولد ورزك: نعم..عندما لجأت إلى المنفى إحتجاجا
على إعتقال رفاقي في الحر كتبت مقالا تحت عنوان :"من أجل موريتانيا
للموريتانيين!" وطالبت كل الموريتانيين بالعمل من أجل موريتانيا فخورة
بعروبتها، فخورة بإفريقيتها باعتبار ذينك العامليـن مفتقدان في كثير من أصقاع
المعمورة، وبفضلهما يقدر الشعب الموريتاني أن يفتخر وأن يزداد رقيا وشموخا.
ترجمة : عبيد
ولد إميجن
لصالح مدونة
الرافضين :
http://jerefuseettoi.blogspot.com/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق